أنا عربي فلسطيني- د. فايز أبو شمالة
أنا عربي فلسطيني
د. فايز أبو شمالة
حفر جدي أول بئر مياه في قرية بيت دراس جنوب فلسطين سنة 1928، وأنشأ بيارة على مساحة مائة دونم، وكانت مدرسة القرية تُغلق أبوابها في موسم القطاف، ليُشارك الطلاب في لف البرتقال الفلسطيني المصدر إلى أوروبا. ومن مفارقات القدر؛ أن جدي هذا قد مات بعد أربعين عاماً، سنة 1968 في مخيم خان يونس للاجئين، مات جدي في غرفة قرميد، وهو لا يمتلك من الدنيا غير فرشة “شرايط” بالية، وبطانية، وبطاقة تموين صادرة عن الأونروا، مات جدي لاجئاً معدماً، خائباً من العالم الظالم الذي تآمر مع اليهود، فأخذوا منه كل شيء، وأعطوه بطاقة تموين، وتركوه وأمثاله في مخيمات اللاجئين.
حق جدي وأمثالـه وأحفادهم بأرضهم لا يبلى بالتقادم، ولا ينتهي، ولا يحق لأي عربي أو فلسـطيني مهما كان أن يتنازل عن حق أجدادنا، ولا يجوز لأي فلسـطيني أنى كان أن يتنكر لحقوقنا التاريخيـة في كل فلسـطين، ليقول: إن لدولة (إسـرائيل) “الحق” في الحياة!
وإذا كنت لا ألوم الأمريكي لو اعترف بدولـة (إسـرائيل)، وإذا كنت لا أحارب الإنجليزي لو اعترف (بإسـرائيل)، وإذا كنت لا أستغرب اعتراف الصيني والروسـي والهندي (بإسـرائيل)، فكل تلك الشعوب لم ترتبط روحياً وتاريخياً بالمكان، ولم تتفاعل وجدانياً بالأرض، ولبعض تلك الدول حسـاباتها السياسية، ولكنني لا أجد مبرراً لأي عربي فلسـطيني يعترف بدولة (إسـرائيل)!!!
فماذا نُسـمي هذا العربي الفلسـطيني الذي يتخلى عن أرضه لعدوه، ويعترف بمدينـة يافا، وحيفا، وعسـقلان، وعكا، والسبع، وصفد أرضاً “إسـرائيليـة”!؟
ماذا نُسـمي هذا “العربي الفلسـطيني الذي يعترف بأن أرضنا الفلسطينية المغتصبـة سـنـة 1948 قد صارت دولة (إسـرائيل)!؟