ما هي السيناريوهات الممكنة للتخلص من “ترامب”؟
طرحت صحيفة “فورين بوليسي” في مقال للكاتبة روزا بروكس، 4 سيناريوهات محتملة للتخلص من الرئيس الأمريكي المثير للجدل دونالد ترامب، إثر قراراته المتتابعة التي أحرجت الولايات المتحدة وجلبت لها سخط العالم.
وبدت الكاتبة غاضبة من ترامب مستعجلة على رحيله، قائلة: “ألن يرحل هذا الرجل أبدًا ؟؟، هذا هو السؤال الذي يطرحه الجميع حول العالم وذلك لأن ترامب خلال أسبوعه الأول في الرئاسة جعل كل الأمور واضحة، نعم هو رجل مجنون لدرجة يخشاها الجميع”.
الرجل العنيد
وتابعت “هل نتذكر كل تلك الأوهام التي كانت قبل التنصيب؟، لقد علقت في ذهني بمجرد تنصيبه، سيكتشف أن الانسحاب من كل تلك المعاهدات التجارية هو أمر غير معقول، وبمجرد تنصيبه سيتفهم أنه في حاجة لوقف كل هذه التغريدات والشتائم العشوائية، وبمجرد تنصيبه سيكون مضطرًا لتنحية فكرة حملته السخيفة ببناء جدار حدودي مع المكسيك جانباً وغيرها من الأوهام؛ لكن ترامب قد أثبت في أسبوعه الأول أنه كان يقصد كل كلمة سخيفة مروعة نطق بها”.
وخلق ترامب في أيامه الأولى توترا مع الصين، جعلت الرئيس الصيني يصدر تحذيرات من وقوع حروب تجارية وإعلان أن بكين ستتولى مهمة الدفاع عن العولمة والتجارة الحرة ضد الخطط الحمائية الأمريكية، كما ألغى الرئيس المكسيكي زيارته إلى الولايات المتحدة وصرح زعماء مكسيكيون بارزون أن خطط ترامب لإنشاء جدار حدودي قد تقود البلدين إلى حرب ولن تكون هذه الحرب تجارية، كما يدين قادة كبار في حزب ترامب مزاعمه حول تزوير الأصوات وخططه بشأن إعادة فتح سجون وكالة الاستخبارات المركزية السوداء سيئة السمعة، كل ذلك بالإضافة إلى استقالة فريق الإدارة العليا في وزارة الخارجية الأمريكية بأكمله من مناصبه.
تدني الشعبية
وفي الوقت نفسه تعد شعبية ترامب هي الأقل بين جميع الرؤساء في تاريخ الولايات المتحدة حيث نسبة 36 % فقط من الأمريكيين مسرورون من أدائه حتى الآن، كما أن نحو 80% من المواطنين البريطانيين يعتقدون أن الرئيس ترامب سيقدم صورة لرئيس سيء ويشاركهم الرأي في ذلك 77% ممن شملهم الاستطلاع في فرنسا و 78% في ألمانيا وهذا في أسبوع واحد فقط.
وتخلص الكاتبة الأمريكية إلى محاولة الإجابة على سؤال “ألن يرحل هذا الرئيس أبداً؟” عبر طرح 4 سيناريوهات تقول إنها “للتخلص من أي رئيس تافه”.
السيناريوهات الأربعة
الأول: بطبيعة الحال يمكن للعالم أن ينتظر بصبر حتى نوفمبر 2020 لانتهاء دورته الأولى، وعندها من المفترض أن يتمكن الناخبون الأمريكيون من العودة إلى رشدهم، ويصبحون على استعداد لرميه خارجًا، ولكن بعد أسبوعه الأول الكارثي تبدو فترة الأربع سنوات طويلة جداً لننتظرها.
وهذا يقودنا إلى السيناريو الثاني وهو الإقالة بموجب الدستور الأمريكي، حيث يمكن لأغلبية في مجلس النواب أن تصوت على سحب الثقة من ترامب بتهمة الخيانة أو الرشوة أو أي جريمة أخرى، وإذا تمت إدانته من قبل مجلس الشيوخ بثلثي الأصوات يمكن عزله من منصبه.
ويشير استطلاع رأي جديد إلى أنه بعد أسبوع واحد من رئاسته، فإن ثلث الأمريكيين حريصون بالفعل على عزل ترامب من منصبه.
وإذا كان الاتهام يبدو كأنه حل جيد بالنسبة إليك، فالخبر السار هو أن الكونغرس ليس في حاجة لأي دليل على الخيانة الفعلية أو القتل ليمضي قدما في توجيه الاتهام إلي ترامب، فعمليا يمكن اعتبار أي شيء جريمة كبرى أو حتي جنحة، ومثال ذلك محاكمة الرئيس السابق بيل كلينتون بتهمة الكذب بشأن علاقته بمونيكا لوينسكي.
والأخبار السيئة هي أن الجمهوريين يسيطرون على مجلس النواب ومجلس الشيوخ ما يجعل فكرة الاتهام غير محتملة سياسياً، إلا إذا استعاد الديمقراطيون الكونغرس، وهذا لا يمكن حدوثه حتى الانتخابات القادمة في العام 2018.
المفاتيح النووية
علي أي حال، الاتهامات تستغرق أشهرا إن لم تكن أكثر حتى إذا كان الكونغرس متحمسًا، وعندما يكون لديك مجنون يسيطر على المفاتيح النووية، حتى إذا كان ذلك لأشهر قليلة فإن تلك الفترة ستبدو فترة انتظار طويلة وخطيرة، وكم من الوقت سيستغرق ترامب حتى يقرر أن جملة “أنت مفصول” (You are fired) هي عبارة يجب تطبيقها أيضا على الصواريخ النووية.
في هذه الأيام المظلمة يجد البعض في جميع أنحاء العالم العزاء في التعديل الخامس والعشرين للدستور، هذا التعديل الغامض ينص على أنه يمكن لنائب الرئيس وغالبية الموظفين الرئيسيين في الإدارات التنفيذية الإعلان أن الرئيس غير قادر على تولي سلطاته وأداء مهام منصبه، وفي هذه الحالة يتولى نائب الرئيس فورا كل سلطات وصلاحيات المنصب الرئاسي ويؤدي وظيفته كقائم بأعمال الرئيس.
هذا هو السيناريو الثالث للتخلص من ترامب، وهو مناشدة طموحات نائب الرئيس مايك بنس الذي بالتأكيد يأمل أن يصبح رئيسًا للبلاد يوما ما.
قد تكون سياسة بنس غير جذابة كما قد تبدو لبعض الأمريكيين إلا أنه لا يبدو مجنونًا في الواقع مثل ترامب، فهو حد جديد للسياسة الأمريكية المعقولة بعيدة عن هذا الجنون.
فمن المفترض أن يكون بنس عاقلاً بما يكفي لمعارضة الأعمال المتهورة التي قد تتضمن سحب أمريكا من جميع التحالفات العسكرية أو استخدام أمريكا الأول للأسلحة النووية، ومن المفترض أيضا أنه إذا ساءت الأمور بشكل كاف أن يميل مجلس وزراء ترامب أيضا للإطاحة برئيسه، وتنصيب نائبه ليحل محله، ويجب على الكونغرس أن يرضخ للعزل بموجب التعديل الخامس والعشرين الدائم ولكن إذا أعلن بنس ونصف وزراء الحكومة أن ترامب غير قادر على تولي سلطات منصبه فإن الكونغرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون سيسقط أيضًا.
الانقلاب العسكري
أما السيناريو الرابع لعزل ترامب من منصبه فهو ما لم يكن يمكن تصور حدوثه في الولايات المتحدة الأمريكية حتي وقت قريب وهو الانقلاب العسكري أو على الأقل رفض بعض القادة العسكريين أن يطيعوا أوامر معينة، فمبدأ الإدارة المدنية للجيش تم استيعابه بشكل قوي من قبل القوات الأمريكية، الأمر الذي يفخر به الجيش لكون كفاءته غير حزبية، وما هو أكثر من ذلك أننا جميعا نعلم أن منتهكا للقانون رفيع المستوي سيتمكن حتى بقليل من الدقة أن يتفوق على الجيش النظامي.
وعلى سبيل المثال فإن حدوث احتجاجات رسمية من قبل محامين كبار أكثرهم عسكريون خلال السنوات الأولى من إدارة جورج دبليو بوش للبلاد لم توقف استخدام التعذيب، وعندما اعترض قادة عسكريون على أساليب تعذيب مثل الإيهام بالغرق فإن إدارة بوش تجاهلت الجيش ببساطة واستخدمت وكالة الاستخبارات المركزية ومقاولين من القطاع الخاص للقيام بهذه الأعمال القذرة.
لكن ترامب ليس ذكيًا وغير متمرس، فهو يضع السياسات من خلال التحدث بصخب ومن خلال التغريدات المتأخرة على موقع “تويتر” وليس من خلال تلميحات هادئة لمساعديه، فهو شخص غريب الأطوار غير مقيد، وتصريحاته غير متوقعة وتطلق العنان لأهوائه، وتصيب من يسمعها بالجنون حتي أقرب مساعديه.
ولكن ماذا يمكن لكبار القادة العسكريين فعله إذا جاءتهم أوامر ليست مجرد طائشة ولكن معتوهة بشكل خطير، أوامر مثل “تحضروا لغزو المكسيك غدًا ” أو ” ابدؤا في اعتقال الأمريكيين المسلمين وإرسالهم إلى غوانتنامو” أو “سوف أقوم بتلقين الصين درسا بالأسلحة النووية”.
كل هذا من المستحيل أن يحدث أبداً، ولكن احتمال أن يقوم القادة العسكريون الأمريكيون بالرد على أمر رئاسي بتحد صريح ورفض لهو أمر خطير، والأكثر خطورة من ذلك هو طاعتهم لأمر طائش ومجنون.
لقد أقسم ضباط الجيش الأمريكي على حماية دستور الولايات المتحدة الأمريكية والدفاع عنه وليس الرئيس، وللمرة الأولى في الحياة يمكن تخيل سيناريوهات محتملة لكبار القادة العسكريين يقولون للرئيس “لا يا سيدي، نحن لا نفعل ذلك”.
استجمعوا قواكم بطريقة أو بأخرى ستكون هذه السنوات القليلة جامحة بشكل كبير.