لعنة «عمارة» استأجرها الإسرائيليون فقتلت مالكها
هي لعنة عمارة قتلت في النهاية مالكها وصاحبها، والمشهد يتكرر كما حصل مع الشهيد القاضي رائد زعيتر.
لكن هذه المرة في ضاحية الرابية ووسط العاصمة الأردنية عمان، وجريمة ارتكبت على أرض الأردنيين وضدهم من دون «مبرر أمني» منطقي، وصداع جديد لحكومة الأردن لن يقف عند تفاعل الأزمة الدبلوماسية الصامتة أصلا، حيث أوفد بنيامين نتنياهو موفدا أمنيا لمعالجة الأزمة.
لعنة العمارة التي تقيم فيها مكاتب سفارة تل ابيب وسط العاصمة الأردنية طاردت هذه المرة مالك العمارة، طبيب العظام المشهور الدكتور بشار الحمارنة، الذي قتل مع نجار شاب، وأردته الصدفة فقط لأنه في لحظة عنجهية اسرائيلية على الأرض الأردنية سارع وعلى طريقة ما يحصل للشعب الفلسطيني في القدس ورام الله لمحاولة انقاذ الفتى الشهيد .
طوال الأعوام التي أعقبت عام 1994 وتحديدا بعد عام 1997 بقي الدكتور الحمارنة طبيبا يثق به الناس من المخضرمين وخارج أجواء الجدل السياسي المتعلق باتفاقية وادي عربة او التطبيع الى ان قتلت سفارة إسرائيل مالك بنايتها في الأردن.
وهي البناية التي طالما أقلقت الرأي العام الأردني واستنزفت قوات الدرك بعد مئات المحاولات الفاشلة طوال الوقت للوصول إليها احتجاجا .
فقد الدكتور الحمارنة حياته برصاصة اسرائيلية اخترقت جسده بكل بساطة لأنه حاول إسعاف الفتى النجار محمد الجواوده إثر إطلاق نائب رئيس أمن السفارة الاسرائيلي النار على الأخير.
هي لعنة شقة في بناية استنزفت الكثير من الأردنيين بعد توقيع اتفاقية عربة، وانتهى الأمر بمقتل المالك الطبيب وبمحض الصدفة.
مسبقا تتوقع الحكومة الأردنية صداعا جديدا، في الوقت الذي لم يشف فيه بعد جسد الدولة من الصداع الذي تثيره حادثة الجفر حيث قبائل الحويطات المعترضة، وما زالت، على عقوبة السجن المؤبد للجندي معارك التوايهة المتهم تعسفا بقتل ثلاثة مدربين أمريكيين .
احتار المراقبون تماما بتفكيك أسرار وألغاز التأخر المضجر في تقديم رواية رسمية توضح ما حصل في الملحق السكني التابع لسفارة إسرائيل.
هوجمت الحكومة بقسوة بسبب صمتها وتجمع نحو ألف من أقارب الفتى النجار، وأغلقوا ميدانا جنوب العاصمة قبل تفريقهم دركيا بالغاز، ثم اجتمع العقلاء من وجهاء عشائر الدوايمة بهدوء في اليوم التالي . تبين لاحقا ان سبب التأخير في تقديم رواية رسمية ينحصر ليس فقط بانتظار قرار مرجعي حيث أن المسألة عابرة للحكومة ، ولكن في ان ملف التحقيق الأولي حول الحادثة لا يمكن إغلاقه قانونيا وعمليا الإ باستجواب وتقديم إفادة من قبل القاتل الإسرائيلي ورفاقه في طاقم الأمن .
أدرك وزير الداخلية المخضرم الجنرال السابق غالب الزعبي الذي حصل على غطاء سياسي يمكنه من منع سفرالقاتل الإسرائيلي الى ان يستكمل التحقيق على الأقل .
استكمال ملف التحقيق ببساطة شديدة وبعد وجود شهيدين أردنيين طعن أحدهما ضابط الأمن الاسرائيلي متسببا بجرح طفيف قبل مقتله مع الطبيب الذي حاول إسعافه برصاص اسرائيلي على أرض أردنية وليس في حرم السفارة، بالمعنى الدبلوماسي القانوني .. هذا الاستكمال يتطلب وبالمعنى القانوني المباشر الحصول على إفادة الطاقم الأمني الاسرائيلي .
إسرائيل عالجت حارسها بسرعة في أقرب مستشفى ونقلته فورا لحماية مقر السفارة. وبسبب عدم وجود قرار سياسي مرجعي ارتبكت الحكومة وامتنعت عن توقيف الحارس القاتل أثناء حركته من المستشفى الى مقر السفارة .وهذا الإخفاق قد يكون السبب وراء الأزمة الآن في بعدها الدبلوماسي، حيث فضلت حكومة عمان طرق الأبواب باللغة الدبلوماسية واستجواب الحارس الاسرائيلي عبر التعاون مع إسرائيل، الأمر الذي لم يحصل وفقا لسيناريو العنجهية الاسرائيلية المعروف .
لا يوجد حتى بعد ظهر الإثنين قرار سياسي مرجعي أردني باعتقال الحارس الإسرائيلي، ولا يوجد قرار اسرائيلي مرجعي بتسليمه لسلطات التحقيق الأردنية وإجباره على تقديم إفادة .
هنا حصريا وقع المطب الذي تورطت فيه الحكومة ونتجت عنه أزمة دبلوماسية، لأن الرواية الرسمية في حاجة لاستكمالها لإقناع الراي العام واحتواء القصة، خصوصا وانها تتزامن مع صداع الحويطات والجفر وجنوب المملكة . تحرك أهالي المغدور الشاب لكن بهدوء وتعقل، ولم يصدر عن أهل الطبيب المغدور حتى مساء الإثنين اي ردة فعل، ووسط شغف الجمهور بإقرار صيغة القانون والسيادة وإخضاع سفارة العدو، الى جانب ارتباك الحكومة الواضح وضعف حلقات اتخاذ القرار، انتقل الأمر الى المرجعية الملكية في عمان والى بنيامين نتنياهو في تل ابيب.
وتم التعبير عنه بسلسلة اتصالات ذات طابع دبلوماسي لا تتعلق بإطلاق النار الاسرائيلي وسط غرب عمان على أردنيين أعزلين فقط ومن دون مبرر أمني حقيقي، بقدر ما تعلق بتعنت تل أبيب ورفضها حتى التعاون لإخراج سيناريو ولو دبلوماسي أمام العالم والرأي العام .
المشهد بات مساء الإثنين وهو مربك جدا للأردنيين والجدل بطبيعة الحال لن ينتهي قبل قرارات مرجعية، لأن الشارع الأردني على الأقل مضطر لتركيبه على ملف الشهيد القاضي رائد زعيتر المفتوح، والتجبر الاسرائيلي في ملفي القدس والمسجد الأقصى .