النقاش العلمي الأخلاقي بضاعة الإنسان الواعي و العالم النبيل
النقاش العلمي الأخلاقي بضاعة الإنسان الواعي و العالم النبيل
المجادلة بالحسنى و النقاش العلمي البناء مما أكدت عليه تشريعات السماء و سنن الأنبياء و أنظمة و قوانين العقلاء في كل مجتمع يشهد كثرة حدوث المناظرات و السجالات العلمية حول أية قضية خلافية تظهر للعيان و تجلب معها التباين في وجهات النظر لما تحدثه في المجتمع من شرخ فتصبح تلك القضية مثار جدل و نقاشات حادة و أخذ و جذب فتختلف فيها الرؤى و الآراء التي تنظر كل منها إلى الزاوية التي تراها مناسبة لتخوض في غمار هذه القضية وهنا تبدأ حالة من الفوضى و المعتركات العلمية فيلجأ الجميع إلى النزالات العلمية و النقاشات الأخلاقية القائمة على أس و مقدمات مهنية تكون بمثابة الأرضية المناسبة و باتفاق جميع الأطراف المشاركة في هذه المناظرات العلمية و التي لابد من توفرها قبل بدأ النزال العلمي ، فالإنسان الواعي و العالم الرباني و المثقف النبيل تُعد هذه المقدمات من الأولويات التي يبحث عنها و يجعلها من بديهيات عمله العلمي و خلال مسيرة حياته العلمية المكللة بالنجاح و التفوق الباهر وهذا ما يحتم علينا أن نتحلى بالخلق الكريم و الخصال الحميدة عند الدخول في مطارحات علمية و نقاشات أدبية حتى نصل إلى الحقيقة الناصعة و نبتعد في الوقت نفسه عن معكرات صفاء الأجواء المناسبة لعقد المناظرات العلمية وهذا مما لا شك فيه هو من جوهر و روح عمل ديننا الحنيف وهو يضمنها كتابه الحكيم فيقول ( و جادلهم بالتي هي أحسن ) و جادلهم بالكلمة الطيبة و المثل العليا و الأخلاق الحسنة و القول الحسن و ابتعد و انبذ كل ما من شأن أن يخلط الأوراق و يزيف الحقائق الذي لا طائل منه و لا يفضي إلى نهاية المطاف بل يؤجج الحقد و الضغينة بين طرفي المناظرة فيولد معه حالة من التزمت و العناد عند كل طرف فتترسخ فيه ذهنيته و عقليته فكرته التي يتمسك بها و يراها هي الأقرب الحقيقة و الواقع و الصواب و يرى عدم في الوقت نفسه عدم تمامية فكرة و أدلة خصمه في الطرف الآخر وبذلك نصل إلى طريق مسدود و عناد مقيت لا نهاية له وهذا مما لا يحمد عقباه ويا لها من نهاية لم تكن بالحسبان فتلك نتيجة لابد من الإقرار بها مهما كانت مرارة طعمها كيف لا والظروف و المقدمات اللازمة لعقد المناظرات غابت عن المشهد العلمي تماماً ولعلنا نجد أن مبدأ النقاش العلمي الأخلاقي قد تجسد قولاً و فعلاً و منهجاً و سلوكاً في المحاضرات العلمية التي ألقاها المرجع المحقق الصرخي الحسني وما أتسمت به من عقلانية و قوة المحاججة و عمق الأدلة و تماميتها فضلاً عن أن أدلته كانت جلها من مصادر المعتد بها عند الطرف المقابل وهذا ما امتازت به تلك المحاضرات القيمة فكانت بحق الثورة العلمية التي أعطت الصورة الصحيحة لمبدأ الحوار و النقاش العلمي الأخلاقي القويم الذي شرعته السماء و أرسى دعائمه سائر رسلها الكرام ( صلوات الله تعالى عليهم أجمعين ) ، وقد كشف الصرخي تلك الحقيقة في محاضرته العلمية (30) من سلسلة بحوثه العلمية في التحليل الموضوعي في العقائد و التاريخ الإسلامي في 22/ 11 / 2014 قائلاً :(( البحث والكلام والنقاش الذي نطرحه في هذه المحاضرات، هو النقاش العلمي و النقاش المثمر و النقاش الأخلاقي و النقاش المطلوب هذا الذي حثّ عليه الله في طلب العلم سبحانه وتعالى، وأيضًا حثّ به وعليه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فهو نهج إلهيّ، نهج رسالي، نهج عقلائي، نهج علمي في تحقيق الرقيّ والعلوّ والعمق والسعة في أي علم من العلوم )).
بقلم // احمد الخالدي