الأمم المتحدة تطالب بالتحقيق بجرائم حرب في سورية
حث الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الاثنين مجلس الامن مجددا على الطلب رسميا من المحكمة الجنائية الدولية بدء تحقيقات حول جرائم حرب في سورية، في وقت تتواصل المعارك بين فصائل المعارضة وقوات النظام في مدينة حلب.
وفي ظل انسداد الافق الدبلوماسي، أعلنت موسكو الاثنين عزمها تحويل منشأتها العسكرية في مدينة طرطوس الساحلية الى “قاعدة عسكرية دائمة”.
وقال الامين العام للامم المتحدة للصحافيين في نيويورك “احث مجلس الامن على نقل هذه المشكلة (جرائم حرب) الى المحكمة الجنائية الدولية، وانا احث الاعضاء على ذلك مرة جديدة”.
ووصف الوضع في مدينة حلب بانه “مقلق للغاية” داعيا مجلس الامن الى “العمل على حماية الارواح البشرية”.
وتقدمت فرنسا في ايار/مايو 2014 بمشروع قرار يطالب بفتح تحقيق حول وقوع جرائم حرب في سورية، الا ان موسكو وبكين استخدمتا حق النقض لعرقلة الامر.
ولم يستبعد السفير الفرنسي فرنسوا دولاتر تقديم الطلب مجددا، داعيا الدبلوماسيين الى ابداء بعض “الابداع” في طريقة دفع المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في جرائم حرب في سورية.
وقال دولاتر “اذا كان قصف المستشفيات والمدارس وقتل الاطفال، لا يعتبر جرائم حرب، فانا صراحة لا اعرف ما يمكن ان تكون عليه جرائم الحرب في هذه الحالة”.
وتأتي المطالبة بالتحقيق بعد وقت قصير من تحميل الامين العام للامم المتحدة الرئيس السوري بشار الاسد المسؤولية عن مقتل اكثر من 300 الف شخص منذ بدء النزاع.
وقال في مقابلة مع اذاعة “دوتشيه فيلي” تم توزيع مقاطع منها الاثنين، “صحيح انه بسبب فشل قيادته قتل عدد هائل من الاشخاص، اكثر من 300 الف”، مضيفا “كان لا بد لنا من منع وقوع سريبرينيتسا، ومنع الابادة في رواندا. في حلب نبذل كل ما بوسعنا”.
تصاعد التوتر في حلب
وتنفذ قوات النظام السوري منذ 22 ايلول/سبتمبر هجوما على الاحياء الشرقية في حلب، يترافق مع غارات روسية كثيفة. وقتل منذ بدء الهجوم اكثر من 290 شخصا، بينهم 57 طفلا، في غارات جوية روسية وسورية وقصف مدفعي لقوات النظام على الاحياء الشرقية.
وتدهور الوضع الميداني في شرق حلب إثر انهيار هدنة في 19 ايلول/سبتمبر تم التوصل اليها بموجب اتفاق اميركي روسي وصمدت اسبوعا.
وتصاعد التوتر بين الطرفين منذ ذلك الحين، واعلنت الولايات المتحدة مطلع الاسبوع الماضي تعليق محادثاتها مع روسيا حول سورية.
وابرز اجتماع لمجلس الامن الدولي السبت الانقسام بين روسيا والدول الغربية حول سورية وحلب تحديدا.
واستخدمت روسيا، الداعم الرئيسي لدمشق، حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار اقترحته فرنسا يدعو الى وقف اطلاق النار في حلب ووقف فوري للقصف الجوي على المدينة. وبعيد ذلك، رفض مجلس الامن مشروع قرار روسي يدعو الى وقف الاعمال القتالية دون ذكر للغارات.
ووسط التوتر القائم بين واشنطن وموسكو، اعلن نائب وزير الدفاع الروسي نيكولاي بانكوف الاثنين امام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الدوما ان بلاده تعتزم تحويل منشأتها العسكرية في مدينة طرطوس الساحلية الى “قاعدة بحرية دائمة”.
ولم يكشف بانكوف عن موعد تحويل المنشأة التي يعود تاريخها الى الحقبة السوفياتية.
تقدم بطيئ لقوات النظام
ودفع سكان مدينة حلب ثمنا باهظا للنزاع بعدما باتوا مقسمين بين احياء المدينة. ويقطن اكثر من 250 الفا في الاحياء الشرقية ونحو مليون و200 الف آخرين في الاحياء الغربية.
ومنذ بدء هجومها قبل اكثر من اسبوعين، حققت قوات النظام تقدما بطيئا على جبهات عدة، وتمكنت السبت من السيطرة على منطقة العويجة ودوار الجندول في شمال المدينة، وباتت تشرف بالنتيجة على احياء عدة في الجهة الشمالية.
وافاد المرصد السوري لحقوق الانسان مساء الاثنين باشتباكات عنيفة بين الطرفين في محيط دوار الجندول، ترافقت مع قصف لقوات النظام على مناطق الاشتباك.
واشار مراسل لفرانس برس الى اشتباكات على محاور عدة تركزت بشكل خاص على حي بستان الباشا (وسط) وحي الشيخ سعيد (جنوب) وحيي الصاخور وكرم الجبل (شرق).
واحصى المرصد “مقتل شخصين واصابة آخرين بجروح جراء سقوط صاروخ يعتقد انه أرض – أرض أطلقته قوات النظام على حي الشعار”.
المعارضة: النظام يتبع “سياسة الارض المحروقة”
وانتقدت الهيئة العليا للمفاوضات التي تضم اطيافا واسعة من المعارضة السياسة والعسكرية، الاثنين اثر اجتماع ليومين في الرياض، “سياسة الارض المحروقة” التي اتهمت النظام وحلفاءه باعتمادها.
وردا على سؤال، قال المتحدث باسمها سالم المسلط ان “المعارضة لم تتلق اي مضادات طيران والا لما كانت هذه الحال في سورية”، في اشارة الى التفوق الجوي للنظام المدعوم بقوة من سلاح الطيران الروسي.
وترد الفصائل المعارضة باطلاق قذائف على الاحياء الغربية الواقعة تحت سيطرة قوات النظام. ووثق المرصد السوري مقتل اكثر من “50 شخصاً بينهم تسعة أطفال” جراء قصف الاحياء الغربية.
وافاد المرصد الاثنين عن مقتل ثلاثة اشخاص واصابة آخرين بجروج جراء سقوط قذائف على حيين في غرب حلب.
ونقل رئيس بعثة منظمة “اطباء بلا حدود” في سورية كارلوس فرانسيسكو في بيان معاناة القلة المتبقية من الاطباء في الاحياء الشرقية في حلب. وقال “يشعرون وكأن العالم تخلى عنهم، العالم كله يشهد على المدينة وهي تدمر، لكن لا احد يفعل اي شيء لوقف ذلك”.
وبحسب “اطباء بلا حدود” فانه “منذ انهيار وقف اطلاق النار في ايلول/سبتمبر، تهدد كثافة عملية القصف الجوي الروسية والسورية بتسوية المنطقة المحاصرة في المدينة بالارض”.
وتشهد سورية منذ آذار/مارس 2011 نزاعا داميا تسبب بمقتل اكثر من 300 الف شخص ودمار هائل في البنى التحتية ونزوح وتشريد اكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها. (أ ف ب)